الشوكولاته..تركيبها ..فوائدها..أضرارها
هل لاحظت أنه حتى أكثر الفتيات حرصا على الإتيكيت لا ينظفن أصابعهن من بقايا الشوكولاته بمنديل بل يسارعن دون وعي إلى لعقها بدلا من ذلك؟ بل أن بعضهن لن يترددن في لعق غطاء علبة الشوكولاته بعد فتحها في مكان عام دون أن تخجل من ذلك.
وإذا رأيت فتاة تقوم بلعق الشوكولاته التي وقعت على ملابسها بدلا من مسحها لا تستغرب وعندما تجد فتاة تردد عبارة (أموت في الشوكولاته) أو تجدها ممسكة بها في يدها وبين شفتيها فإن ذلك لا يعني بالضرورة نوعا من الترف أو مجرد رغبة البنت في الظهور بمظهر البنوتة الناعمة الضعيفة أمام الشوكولاته أو أن ذلك مجرد دلع (بنات) أو مجرد استساغة للطعم الحلو في الشوكولاته.
قد يعني شيئا آخر.
طيب لماذا الفتيات بالذات مع أن الأولاد أيضا يتناولون الشوكولاته؟
سنرى !
هناك مقولة لأحد المهتمين بتأثيرات الشوكولاته بأنه أكثر من كونه مجرد طعام وأقل من أن يكون دواء.
هذا المقال ليس نوعا من التهويل للشوكولاته ولا مبالغة في فوائده بل عبارة عن حقائق علمية.
الشوكولاته تنتج من نبتة الكاكاو (ثيوبروما كاكاو Theobroma Cacao). كلمة ثيوبروما كلمة إغريقية تعني (طعام الرب). هي عبارة عن بذور النبتة بعد مرورها بمراحل عدة من التخمير والتحميص والطحن.
مكونات نشطة نفسيا:
تحتوي الشوكولاته على العديد من المواد الكيميائية تصل إلى 300 مادة عدد لا بأس به يعتبر من المكونات النشطة (المؤثرة) نفسيا التي تؤثر على المزاج بالذات وبعضها إدمانية كالكافائين. مثل:
1) أناندامايد (Anandamide): ويسمى أيضا (أراكيدونيل إيثانولأمايد
Arachidonylethanolamide) أو (أراكيدونول إيثانول أمين Arachidonoylethanolamine) وتختصر بـ (AEA). كلمة أناندامايد في اللغة الهندية القديمة تعني (أمين السعادة). وهي عبارة عن ناقل عصبي قنبي (مرتبط بمادة الحشيش) طبيعي . وتأثيرات هذه المادة قد تكون مركزية (في الدماغ) أو طرفية (في أجزاء الجسم الأخرى). التأثيرات المركزية لهذه المادة تمر عبر نفس مستقبلات الحشيش من نوع (CB1). كما أن مستقبلات الأناندامايد له قابلية الارتباط بمادة الـ Δ9-tetrahydrocannabinol (Δ9-THC)المادة الكيميائية النشطة في القنب. لا زالت البحوث مستمرة لإيجاد تأثير هذه المادة على سلوك الإنسان بشكل عام وتنظيم نومه وعن كيفية تأثيرها كمخفف للألم. يفرز الجسم هذه المادة بشكل طبيعي من خلال حمض (أراكيودونيك أسيد Arachiodonic Acid) ومادة (إيثانول أمين Ethanolamine). رغم أن بعض البحوث أكدت أن معظم الأناندامايد الموجود في الشوكولاته يتم إتلافها وتفقد مفعولها نتيجة هضمها في المعدة إلا أن الكثير من البحوث الحديثة تشكك في صحة ذلك وتؤكد أن الأناندامايد له نفس تأثير الحشيش على الإنسان ولو بدرجة أقل بكثير لكنه يؤثر على مراكز اللذة في الدماغ بنفس الطريقة وعبر نفس المستقبلات للحشيش. بقي أن نذكر أن لهذه المادة دور قوي في عملية تثبيت الأجنة في الرحم.
2) كافائين
3) ثيوبرومين (Theobromine):
بالرغم من أن له مفعول منشط إلا أن ذلك لا يقارن بما في الكافئين ولا بمفعوله الأقوى على تحسين المزاج دون مفعول تنبيهي كما للكافائين. هذه المادة لها القدرة في التأثير على مناطق اللذة في الدماغ عن طريق إفراز مادة الدوبامين (Dopamine) له عدة تأثيرات طبية أخرى مثل تسكين الكحة وبقوة تفوق تأثير ال++++*ائين. كما أن له تأثيرات غير مرغوبة كزيادة ارتجاع حمض المعدة إلى المريء وتأثيرات أخرى مخبرية كاستخدامه كمادة مسرطنة في البحوث العلمية على الفئران.
4) تريبتوفان (Tryptophan):
وهو عبارة عن مكون رئيسي لمادة السيريتونين الناقل العصبي المهم في تنظيم المزاج.
5) فينيثايلامين (Phenethylamine):
وهو مادة شبيهة بمادة الأمفيتامين المنشطة وتصل نسبة كافيه منه إلى الدماغ عند تناول الشوكولاته رغم أنه يتم استقلاب أغلب المادة بإنزيم (MAO-B). يطلق على هذه المادة اسم (مادة الحب). تعمل هذه المادة على زيادة ضغط الدم ومستوى السكر أيضا ولكن لفترة قصيرة بعد تناولها
هذا بالإضافة إلى مكونات أساسية للشوكولاته أو الإضافات الضرورية كالسكر والدهون بتركيز عالي جدا.
أنواع ومصادر الشوكولاته:
تأتي الشوكولاته بأشكال مختلفة بين الصلبة (قوالب) والسائلة والبودرة وأيضا يأتي بالشكل الخام أو المعدل بنكهات مختلفة. يضاف للعديد من الأطعمة اليومية وبأشكال عديدة أيضا كالآيسكريم, الكعك والبسكويت, المشروبات.
يجري التنافس الشديد بين الشركات على تقديم أفخر أنواع الشوكولاته والهدف نفسي إلى حد كبير حيث يكون الهدف هو تقديم الشوكولاته بالشكل الذي يشبع الاحساس الأول بها عند دخولها للفم بحيث تكون ناعمة جدا وتذوب بطريقة تدخل السرور على المتذوق وبأسرع ما يمكن. يتم ذلك بتعديل طرق التصنيع والطبخ وكذلك التحكم بالمواد المضافة إلى الشوكولاته الخام التي تكون مرة جدا ولا يمكن احتمالها وكذلك لجعلها تذوب في درجة واحدة أقل من درجة حرارة الجسم الطبيعية.
السعادة التي يشعر بها من يتناول الشوكولاته يعتقد أنها بسبب إفراز كمية من مادة السيروتونين والتي تلعب دورا كبيرا في تعديل المزاج. يتم إفراز السيروتونين والمواد الأخرى المرتبطة بالمزاج مثل الدوبامين والنورأدرينالين.
فوائد صحية للشوكولاته:
فوائدها كثيرة:
فهي تحتوي (وبالذات الشوكولاته الداكنة) على مواد مانعة للأكسدة مثل (Epicatechin) ومادة (Gallic Acid) والذين لهما خاصية حماية عضلة القلب كون أن هذا المفعول يحمي من الدهون المنخفضة الكثافة التي تسمى اختصارا (LDL). للشوكولاته مفعول طفيف كمخفض لضغط الدم.
محتوى الدهون:
ثلثا الدهون التي في الشوكولاته تأتي بصورة مشبعة مثل (Stearic Acid) ودهون أحادية غير مشبعة مثل (Oleic Acid). حتى الدهون المشبعة في الشوكولاته لا تعمل على زيادة الدهون المنخفضة الكثافة التي تعتبر ضارة بصحة القلب بل أن بعض الدراسات أظهرت أن استهلاك كمية معتدلة من الشوكولاته الداكنة تعمل على تخفيض الدهون الضارة في الجسم. تنعدم هذه الفوائد الصحية عند استهلاك كمية كبيرة من الشوكولاته بسبب زيادة الوزن وكذلك بسبب الإضافات الموجودة مع الشوكولاته كالحليب أيضا.
الشوكولاته والادمان:
هل يوجد شيء اسمه إدمان الشوكولاته؟
نعم. ولكن من الناحية الجسدية, الإدمان عليه ضعيف مقارنة بالمواد الأخرى ولا يعطي آثارا انسحابية عند الامتناع ولا يحمل تلك الخطورة المعهودة للإدمان. أما نفسيا فيوجد إدمان قوي يعبر عنه البعض بالشوق القوي للشوكولاته وعدم الصبر عن تناولها لما تقوم به من تأثير على مراكز اللذة في الدماغ عن طريق إفراز الدوبامين وكذلك ربطها بالنشاط والحيوية والشعور بالعافية.
لوحظ وبقوة أن مدمني الخمر يكثرون من تناول الشوكولاته عند محاولتهم التوقف عن الشرب والتعافي منه. حيث يشعرون أن الشوكولاته يعوضهم جزئيا عن حالة السكر وذلك أنه يخفف من الشوق (الخرم) الذي يعانون منه عند التوقف عن الشرب والذي يسبب أغلب حالات الانتكاسة.
من الثابت علميا أن قبول المرأة لأعراض الاكتئاب والإصابة به أكبر من الرجل بكثير حيث قد تصل النسبة إلى 25% بين النساء وبدرجات مختلفة من الشدة. تعبير المرأة عن الكآبة مختلف عن الرجل وكذلك قدرتها على الحصول على الخدمة الطبية. وفي حالات كثيرة من حالات الاكتئاب, فإن الكثيرات يتناولن الشوكولاته كنوع من العلاج الذاتي وبكثرة قد تؤدي للسمنة والمشاكل الأخرى المرتبطة بسوء التغذية مما يؤدي للمزيد من الكآبة وهذا بدوره يدخل المريض في ما يشبه الحلقة المفرغة أو المصيدة للكثير من الفتيات. المصيدة تكون متكاملة عندما يزداد الوزن وبالرغم من ذلك لا تستطيع الفتاة مقاومة إغراء الشوكولاته.
توجد مشكلة أخرى تخص الإناث عندما يصبن بالاكتئاب أو الإحباط لأي سبب فإنهن يبدأن بالتهام أطعمة أخرى غير الشوكولاته ولكن بشكل نوبات من الشره الحاد الذي يؤدي لالتهام كمية كبيرة في أوقات قصيرة تؤدي لمشاكل صحية.
الكآبة والدورة الشهرية:
تصاب المرأة بالضيق الذي قد يصل لحد الاكتئاب قبل وأثناء الدورة الشهرية بسبب التقلب الشديد في مستوى الهرمونات في هذه الفترة. تقوم الفتيات بما يشبه العلاج الذاتي الغير واعي بالتهام الشوكولاته ولما يجدن له من مفعول مخفف للصداع لما فيه من الكافئين أيضا. هذا يلعب دورا كبيرا في أن غالبية من يدمنون على الشوكولاته هن الفتيات.
يعتقد أن لهرمون البروجسترون الذي يتقلب بشدة وقت الدورة دور في عملية استقلاب الدهون في الجسم بحيث يعمل على زيادة عملية التخزين وقلة مستواها في الدم وهذا يؤدي إلى زيادة شوق المرأة للدهون الموجودة في الشوكولاته.
الرومانسية والجنس : كانت الشوكولاته من السلع الغالية الثمن تجاريا لدى شعب المايا وشعوب أوروبا عموما ولم تكن في متناول الجميع كما هو الآن وارتبط استعمالها في حفلات الأسر الأرستقراطية وهداياهم والأغرب من ذلك كله أن الشوكولاته كانت تستخدم كنوع من النقود لشراء السلع أو للحصول على ليلة هانئة مع البغايا.
تقديم هدية ثمينة ومحبوبة مثل الشوكولاته إلى فتاة يعتبر طريقا سهلا إلى قلبها وتعبيرا عن الحب في ذلك الوقت وهذا خلق نوعا من الربط بين الشوكولاته وأحلام الفتيات بأن يعشن في مستوى معيشي أرستقراطي مع فارس الأحلام الغني.
مما لا يعرف الكثيرون أن بعض مكونات الشوكولاته (الفينيلثايلامين) مرتبط بزيادة الرغبة الجنسية وأنه يكون أعلى ما يكون أثناء الوصول للذروة الجنسية كما أنه يجعل المرأة أكثر إقبالا على الممارسة الجنسية بل وأكثر إقبالا على الحديث عن الجنس والدخول في جو رومانسي.
وهم تخفيف الوزن بالشوكولاته:
الشوكولاته ممتازة جدا لمزاج الفتاة ولكنه سيء جدا بالنسبة لوزنها فليس هناك من سيصدق أنه يستعمل الشوكولاته لتخفيف الوزن لأنه يصرف المرء عن الطعام أو أن له مفعولا مدرا للبول أو ما شابه. الشوكولاته تحوي على الدهون بشكل كبير وكجزء أساسي للحفاظ على طعمها وقوامها الصلب.
هل الشوكولاته مشكله؟:
أبدا بل هي مفيدة إذا تم تناولها باعتدال وبشكل لا يتعارض مع الوضع الصحي للمرء.
وحتى لو كانت مادة إدمانية فليس منها أي مشاكل تذكر إذا كان استعمالها معتدلا مثل القهوة تماما. ولكن في حالات كثيرة تعتبر مشكلة صحية كبيرة وخاصة لمن تتطلب حالاتهم الصحية تخفيف الوزن ومع ذلك لا يستطيع مقاومة الرغبة لالتهام المزيد من الشوكولاته.
في حالة ارتباط تناول الشوكولاته بأوقات أو ظروف نفسية معينة ولوحظ أنها مقترنة بمزاج سيء أو أعراض أخرى للاكتئاب, فينبغي أن يعلم أن تناول الشوكولاته هنا ليس من باب حب الطعم فقط وإنما هو مؤشر أنه علاج ذاتي لمرض نفسي.
قد يشكل استعمال الشوكولاته مشكلة إذا كان المرء لا يستطيع أن يبدأ يومه بدونها. فلا بد من التهام إصبع شوكولاته صباحا لكي يبدأ الإنسان عمله تماما كما يحدث مع القهوة. هذا مؤشر قوي للإدمان.
بقي أن نذكر أن هناك شيئا خفيا على الكثيرين وهو أنه في وحدات نزع السموم وأثناء ظهور الأعراض الانسحابية لأي مادة مخدرة كالهيروين مثلا, يبدأ المريض يشكو من أحلام مزعجة عبارة عن مشاهد للتعاطي أو حلم بالمادة نفسها......نفس الشيء يحدث لبعض المغرمين بالشوكولاته مما يؤكد أنه قد يشكل إدمانا نفسيا قويا يسمى (Chocoholism).
مع تمنياتي للجميع بالصحة والسعادة الدائمة