لمحة في كوكبنا الارضى
جاءت في القرآن الكريم آيات كثيرة تتحدث عن السماء والارض والنجوم والشمس والقمر، وعن ظاهرات اختلاف الليل والنهار وجريان الشمس وتكون السحب ونزول الامطار وكذلك ذكرت ما يوجد على الارض من جبال وأنهار ونبات وأشجار وحيوان وحشرات، كما وردت آيات تبين خلق الانسان وسلالاته وما يتعلق بحياته وجهاده وسعادته أو شقائه وذكرت غير ذلك كثيرا من شتى المخلوقات التى أوجدها لله في ملكه وحثنا على مشاهدتها والتدبر في روائعها.
وقد اهتدى الانسان بما وهبه الله من ملكات واستعدادات عقلية أن يعرف الكثير عن عالمنا الذى نعيش فيه واستطاع أن يكشف لنا عن أن الكرة الارضية لبثت زهاء عشرين مليونا من القرون بلا حياة ولا أحياء تدب عليها، وذلك خلال الازمنة والحقب الجيولوجية وقبل ظهور الحياة عليها.
ولم يكن هناك على سطح الكرة الارضية وقتئذ سوى الصخور والمياه ولا شئ غير ذلك وفي تلك الازمنة السحيقة أخذت العوامل الجوية ولحركات والاضطرابات الباطنية تفتت الصخور ويترسب فتاتها على هيئة طبقات رسوبية يستقر بعضها فوق بعض على قيعان البحار والمحيطات كما تنتظم الصحف في الكتب ورقة فوق أخرى.
وبعد هذا النوم العميق في حياة الكرة الارضية بدأت معالم الحياة ومواكبها تظهر في صور بدائية من عوالم الحشرات والنباتات والاشجار والغابات، وتغير وجه الارض مرارا وصار عاليها سافلها تحت تأثير العوامل الجوية والحركات الباطنية فكانت الكائنات الحية من نبات وحيوان تنطمر في باطن الارض،
وتترك آثارها فيه كما كانت عليه من حجم وهيئة وكيان في حياتها، وهذه هى الحفربات التى يعثر عليها علماء الجيولوجيا في بحثهم ودراستهم لطبقات الارض، وهم يشبهون الصخور الرسوبية وما فيها من حفريات بأنها السطور التى كتبتها الارض في سجل تاريخها الطويل الحافل بتطوراتها وتقلباتها، وهذا هو سفر التاريخ الاعظم الذى ما يزال علم الجيولوجيا يستمد منه الحقائق تلو الحقائق مع كل حفر وتعمق في البحث لاظهار معالم الحياة والاحياء في عهودها القديمة جدا، وهى عهود لها أزمان تقدر بالآف الملايين من السنين ولا يعرف مددها إلا الله الازلى الذى لا أول له ولا آخر.